مدخل للقياس والتقويم والاختبار في المجال الرياضي

 

1- مدخل تاريخي:

     بالنظر الى تاريخ الحضارات القديمة نجد أن الحقائق التاريخية تشير الى أن التقويم والقياس والاختبار مفاهيم قديمة قدم المحاولات الأولى التي بدا فيها الانسان في تعليم أبنائه وأقرانه في ممارسة الحياة وتجاوز صعوباتها ، اذ أن البقايا التي تم العثور عليها من تماثيل حجرية وبرونزية وذهبية التي كشفت في كثير من البلدان لاسيما تلك البلدان التي سادت فيهٌا الحضارات القديمة ما هي إلا شواهد مادية تدل على أن الإنسان الأول كان قد مارس القياس في أبسط صوره، حيث تشير بعض المراجع إلى أن تماثيل قدماء المصريينٌ كانت متناسقة الأجزاء وهذا دليل قاطع على أنهم قد تمكنوا من دراسة القياٌسات المختلفة لجسم الإنسان والتعرف على العلاقات النسبية بين تلك القياسات من أطول ومحيطات.

     أما عند الحضارة اليونانية فقد حدد أفلاطون عند وضع تصوره المدينة الفاضلة خصائص أفراد ومواطني مدينته وكان من أهدافها وضع الفرد المناسب في المكان المناسب لذلك كان لا بد من الكشف عن قدراته وإمكانياته لتوجيهه إلى مكانه المناسب ، ولما كانت فلسفة أفلاطون ترتكز على المثالية والجمالية كانت قياسات الأجسام والأبدان تهتم بعنصر التناسق والانسجام بين أطراف الجسم وليس على أبعاد الجسم أما قياس الأداء فكان دائما يقارن بالأداء المثالي.

     بالإضافة الى ذلك فنجد أن الاغريق قد استخدموا القياس في ميدان الألعاب حيث استخدموا أقدامهم لقياس ساحات الركض ، و لا تزال شواهد هذه الساحات قائمة و بمقاساتها القديمة حتى يومنا هذا في القرية الأولمبية في الملعب الرئيسي بمقاعده الرخامية في العاصمة اليونانية أثنا.

     وكان الفكر الايديولوجي والفلسفي للإمبراطورية الرومانية مبني على القوة حيث كانت في حالة حرب شبه دائمة لذلك كان بناء جيش قوي يمثل الأولوية لديها فتأثرت المقاييس والاختبارات بهذا الاتجاه وأصبحت القوة والضخامة هي عناصر التفضيل.

     وقد اهتمت الصين القديمة بالحياة المدنية وشمل ذلك منهاجا خاصا يتلقاه الراغبون في الخدمة المدنية يتكون من عدة مقررات يمتحن فيها المتلقي بعد فترة من التكوين لتحديد مدى تحصيله لتلك المقررات والتي كانت تهدف الى اكساب الافراد بعض الصفات النفسية والعقلية الخاصة ، وقد كان هذا النظام يحظى بعناية واهتمام حكام الصين حيث استمر في جوهره لمدة ألفي عام ، كما انتقل إلى باقي القارة الآسيوية والأوروبية وحتى إلى بعض المناطق بإفريقيا حتى فترة قبل الثورة الصناعية .

     ومع تقدم المجتمعات تغيرت نظرتها و فلسفتها في الحياة وبالتالي تغيرت نظرتها للقياسات، ويعتبر القياس الفيزيائي أقدم أشكال القياس ظهورا خاصة مع بداية تقدم العمران وعلم الفلك في مختلف الحضارات القديمة ، أما الاهتمام بمجالات أشكال القياس الأخرى فكان لما بدأ ظهور المهام التي تتطلب صفات بدنية خاصة مثل الحراسة والخدمة العسكرية والأشغال اليدوية

وحين نتكلم على الاختبارات فنجدها هي الأحرى قد مرت بمجموعة من المراحل وهي كالاتي:

1- الاختبارات التحريرية: استخدمه الصينيين القدماء كانت على درجة عالية من الصعوبة تستغرق وقتا طويلا للاجابة عليها، استخدمه اليونان والرومان واستمر الى غاية العصور الوسطى.

2- الاختبارات الشفهية: ظهرت في العصور الوسطى واستمرت الى غاية 1850 كأداة وحيدة للتقويم.

3- الاختبارات التحريرية المثالية: بدأت بعد سنة 1950 واستخدمه طلاب الجامعة الامريكية ثم استخدم كأدة للتحصيل في مختلف المدارس.

4- الاختبارات الموضوعية: جاءت لتغطي النقص في الاختبارات المثالية لتبعدها عن الذاتية وتجعلها اكثر ثقة وموضوعية.

5- الاختبارات الموضوعية المقننة: وهي تطوير للمرحلة السابقة اين ظهرت الحاجة الى تقنين وضبط الاجراءات والتعليمات للمفحوصين وهي الاكثر استعمالا في يومنا هذا.

     وبالنسبة للتقويم في الجانب البدني والرياضي ومع ظهور المدينة الحديثة وفلسفة التمدن ظهرت عدة وحدات للقياس ولم تعد طرق التقويم تمثل انعكاسا لفلسفة المجتمع في ممارسة النشاط البدني فحسب بل أصبحت أحد الأبعاد الأساسية لتنظيم الرياضة في الدولة ويقول عالم التربية البدنية السوفياتي ماتفيف Matvaiev " إني لا أتخيل تنظيما محكما للرياضة بدون تحديد للمستويات " وهو يقصد الاختبار والقياس.

ويمكن أن نلخص مراحل تطور عمليات القياس والاختبار في المجال الرياضي كالأتي:

- مرحلة الاهتمام بالمقاييس الخاصة بجسم الانسان 1860) - (1890

- مرحلة الاهتمام بالاختبارات القوة العضلية (1910-1880)

-مرحلة الاهتمام بالاختبارات الوظيفية (1925 -1900)

- مرحلة الاهتمام باختبارات القدرات الحركية العامة (1930-1920)

- مرحلة الاهتمام باختبارات المهارات في الالعاب الرياضية من(1920) إلى غاية وقتنا الحالي.

- مرحلة الاهتمام باختبارات اللياقة البدنية من (1940) إلى غاية وقتنا الحالي.

Offered: 

2020